من أثمن مخطوطات الصحیفة السجادیة، بل أعزّها وأنفسها هي التي نمقها العالم الحبر علي بن إبراهیم الکفعمي سنة 867، وکان علماؤنا الکبار منهم العلامة المجلسيّ والشیخ بهاء الدین العاملي یأملون رؤیتها ولم یحصلوا علیها. وقد طبعَته مصورته الملونة الیوم مؤسّسة المحقق الطباطبائي رحمة الله علیه بالتعاون مع المکتبة الوطنیة في طهران، طبعةً لائقةً أنیقة، لتضعها في متناول ید الباحثین، فیجدر بکل المهتمین بتراث أهل البیت علیهم السلام دراستها وتسلیط الأضواء علیها.
بسم الله الرحمن الرحیم، الحمد لله ربّ العالمین، والصلاة والسلام علی أشرف الأنبیاء والمرسلین أبي القاسم محمّد وعلی أهل بیته الطیّبین الطاهرین، واللعنة الدائمة علی أعدائهم أجمعین إلی قیام یوم الدین.
لقد امتاز أتباع مدرسة أهل البیت علیهم السلام باقتفاء آثارهم والاهتداء بمآثرهم، وذلك أنّ أئمّة أهل البیت علیهم السلام هم مجمع الکمالات ومنابع الحکم وأرباب الفصاحة والبلاغة، وفي ما یخصّ البلاغة وفصاحة اللسان قال أمیر المؤمنین علیه السلام: «وإنّا لأمراء الكلام، وفينا تنشّبت عروقه، وعلينا تهدلت غصونه».1 وقال الإمام زین العابدین علیه السلام في خطبته بالشام: «أيها الناس! أعطينا ستّا، وفُضِّلنا بسبع، أعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبّة في قلوب المؤمنين».2 وهکذا کلّ أئمّة أهل البیت علیهم السلام، وإنّما اقتصرنا علی ذکر کلام الإمام أمیر المؤمنین والإمام السجاد علیهما السلام لأنّ عمدة کلامنا سیقع حول نهج البلاغة والصحیفة السجّادیة، وهما الأثران الخالدان، اللذان أعجزا الفصحاء والبلغاء، واحتویا علی شتّی المعارف والعلوم.
ومن هنا دأب العلماء والأدباء علی العکوف علی روایتهما وشرحهما وضبطهما وبیان وجوه بلاغتهما ودقائق المطالب والعلوم فیهما.
ومن أهمّ المراحل التي عُني بها بنهج البلاغة والصحیفة السجّادیة هي مرحلة أواخر القرن الخامس والسادس والسابع والثامن، وخصوصا علماء الحلة الفیحاء، حیث کانت مقرّ العلماء والفضلاء والأدباء، وقد أَسّسوا الأُسس لمن جاء من بعدهم، وممـّا یُؤسف له أنّه لم تُستقص لحدّ الآن -حسب علمنا- جهود علماء الحلّة الفیحاء في نهج البلاغة والصحیفة السجّادیة.
فعلی صعید نهج البلاغة تبرز أسماء لامعة تجمع بین العلم والأدب، کالأدیب الکبیر علي بن محمّد بن السکون الحلّي (ت حدود 600 أو 606 ه)، والسید علي بن طاوس (ت 664 ه)، وعلي بن أحمد السدیدي الحلي (ت 688 ه)، والعلّامة الحلي (ت 726 ه)، وأحمد بن محمّد بن إسماعیل الحدّاد البجلي الحلي (کان حیا 728 ه)، وعبدالرحمن بن العتائقي (نحو 790 ه)، وغیرهم.
وعلی صعید الصحیفة السجّادیة تجد نفس الجهود الحثیثة من العلماء الأدباء، کابن إدریس الحلي (ت 598 ه)، وابن السکون الحلي، وعمید الرؤساء هبة الله بن حامد الحلي (ت 609 ه)، وعلي بن طاوس، والسدیدي، والعلامة الحلي، وغیرهم.
وإذا کانت جهودهم في الصحیفة السجّادیة قد عُني بها، فإنّ جهودهم في نهج البلاغة لم یُعتَنَ بها کما ینبغي، وقد حقّقنا نهج البلاغة مع ضبط علي بن السکون، آملین أن نعثر علی المزید من هذه الکنوز لإخراجها إلی عالم النور. 3 وعلی کلّ حال؛ فإنّ روایة النهج والصحیفة وضبطهما في هذه المرحلة صارت أساسا لمن أتی من بعدهم من العلماء الأدباء، لروایة وضبط وتصحیح هذین الکتابین الشریفین.
ومن الآثار النفیسة في هذا المجال الصحیفة السجّادیة المكتوبة بخط علي بن إبراهیم الکفعمي، في سنة 867 ه، والتي اعتنت بروایة وضبط الشهید الأوّل، الناظرة إلی روایة وضبط السدیدي، الناظرة إلی روایة وضبط علي بن السکون، مع اعتنائها البالغ بنسخة ابن إدريس الحلّي.
ونفس هذه السلسلة تجدها في نسخة نهج البلاغة المنقولة من خط الشیخ الحسن بن یحیی بن کرم، وقابل السدیدي هذه النسخة وصحّحها من نسخة منقولة من خط ابن السکون، ثمّ أصاب أسافل هذه النسخة خرومات صُحّحت من کتاب منقول من خط الشهید.4 وقد استنسخ وروی وضبط الکفعمي ثلاث نسخ من الصحیفة السجّادیة؛ الأولی سنة 856 ه، والثانیة سنة 865 ه، والثالثة سنة 867 ه، وهي النسخة الأخیرة التي اختار فیها عیون الروایات، وقیّد عمدة الاختلافات، وزیّنها بشروح مختصرة لصعاب العبارات، فهي الأکمل والأتمّ من بین النسخ الثلاث.
وإذا أردنا أن نصنّف مجمل الاختلافات المذکورة وجدناها تُشبه إلی حدّ کبیر أنواع الاختلافات في نهج البلاغة، وعمدة أنواع الاختلافات في الصحیفة السجّادیة هي:
1- الاختلاف من حیث التذکیر والتأنیث في الأفعال المضارعة، كقوله عليه السلام: «حمداً يُضيء لنا به ظلماتِ البرزخ، ويُسهّل علينا به سبيلَ المبعثِ» و«حمداً تضيء لنا به ظلماتُ البرزخ وتُسَهَّل علینا به سبیلُ المبعث»5
2- الاختلاف في حروف الجرّ، كقوله عليه السلام: «حمداً یرتفع منّا إلی أعلی علیّین» و«حمداً یرتفع بنا إلی أعلی علیّین»6 وقوله عليه السلام: «ونَشِّطتني فيها لابتغاء مرضاتك» و«ونَشِّطتني بها لابتغاء مرضاتك»7
3- اختلاف الأفعال بالتضعیف وعدمه، كقوله عليه السلام: «حمداً نُعَمَّر به فیمن حَمِدَه من خلقه» و«حمداً نُعَمَّر به فیمن حَمَّدَه من خلقه»8 وقوله علیه السلام: «وهل یُنْجِیني منك اعترافي لك بقبیح ما ارتکبتُ» و«وهل یُنَجِّیني منك اعترافي لك بقبیح ما ارتکبتُ»9
4- الاختلاف في ضبط عین الأفعال المضارعة، كقوله علیه السلام: «ولا تَعزُبُ عنك غیّبات السرائر» و«ولا تَعزِبُ عنك غیّبات السرائر»10 وقوله علیه السلام: «فمن ذا الذي یَعْرِضُ لك في عبدك» و«فمن ذا الذي یَعْرَضُ لك في عبدك»11
5- الاختلاف بالبناء للمجهول و المعلوم، كقوله عليه السلام: «ولا یزید من نُقِصَ منهم زائد» و«ولا یزید من نَقَصَ منهم زائد»12 وقوله علیه السلام: « ويُسَهِّل علينا به سبيلَ المبعثِ» و«ویُسَهَّل علینا به سبیلُ المبعث» و«وتُسَهَّل علینا به سبیلُ المبعث»13
6- الاختلاف بالماضي والمضارع، كقوله علیه السلام: «وأنّی رَغِبَ مُعدِمٌ إلی مُعدِم» و«وأنّی یَرغَبُ مُعدِمٌ إلی مُعدِم»14
7- تعدّي الفعل بنفسه و بحرف الجرّ، کقوله عليه السلام: «فإنّا نستجيرك من غضبك» و«فإنّا نستجير بك من غضبك»15
8- الاختلاف بالهمز والتسهيل، كقوله عليه السلام: «من أئمّة الهدی وقادة أهل التّقی» و«من أیمّة الهدی وقادة أهل التّقی»16 وقوله علیه السلام: «ولا یُکافأ في مرتبة» و«ولا یُکافاْ في مرتبة»17 وقوله علیه السلام: «فهي بمشیَّتِك دون قولك مؤتمرة» و«فهي بمشیِئَتِك دون قولك مؤتمرة»18 وقوله علیه السلام: «وأبدلني من بِِغضَة أهل الشَّنان» و«وأبدلني من بِِغضة أهل الشَّنَآن»19
9- الاختلاف في الثلاثي المجرّد والمزید، كقوله عليه السلام: «لا یَنْقُصُ من زاده ناقصٌ» و«لا یُنْقِصُ من زاده ناقصٌ»20 وقوله علیه السلام: «وأَزْوِ عنّي من المال ما یُحدث لی مخیلة» و«وازوِ عنّي من المال ما یُحدث لی مخیلة»، کتب في الهامش: بقطع الهمزة ووصلها21
10- الاختلاف في ضبط الکلمات لغویّا دون تبدّل المعنی، کقوله عليه السلام: «فاذکُرهم منك بمغفرة ورِضوان» و«فاذکُرهم منك بمغفرة ورُضوان»22 وقوله علیه السلام: «وتَحَرّوا وِجْهَتَهم» و«وتَحَرّوا وَجْهَتَهم»23 وقوله علیه السلام: «وخفیراً من نَقِمَتِه» و«وخفیراً من نِقْمَتِه»24 وهذا النوع من الاختلاف كثير جدّاً کـ «عُمْر وعُمُر»، و«حُجُب وحُجْب»، و«سُخْط وسَخَط»، و«سُبُل وسُبْل»، و«رُسُل ورُسْل».
11- الاختلاف في ضبط الکلمات لغويّا مع تبدّل المعنی، كقوله عليه السلام: «وخروجهم من سعة المعاش إلی ضِیقِه» و«وخروجهم من سعة المعاش إلی ضَیقِه»25 بناءا علی أنّ «ضَیق» مخفّف من «ضَیِّق»، وقوله عليه السلام: «ويقتدي بتبلّج أسفاره» و«ویقتدي بتبلّج إسفاره»26
12- الاختلاف بالإفراد و الجمع، كقوله عليه السلام: «أَسمَعهم حجّة رسالاته» و«أسمعهم حجّة رسالته»27 وقوله علیه السلام: «وعلی ذرّیاتهم وعلی من أطاعك منهم» و«وعلی ذرّیتهم وعلی من أطاعك منهم».28 الاختلاف بالجموع، کقوله عليه السلام: «وحُمّال الغیب» و«وحَمَلَة الغیب»29
13- الاختلافات الناتجة عن تعدّد وجوه الإعراب، واختلاف مدارس النحو، کقوله عليه السلام: «وما بثثتَ في كل واحد منهما، ساكنِه ومتحركِه، ومقيمِه وشاخصِه» و«وما بثثتَ في كل واحد منهما، ساكنُه ومتحركُه، ومقيمُه وشاخصُه»30 وقوله علیه السلام: «والذین لا تدخلهم سآمة من دؤوب، ولا إعیاءٌ من لغوب ولا فُتُورٍ» و«والذین لا تدخلهم سآمة من دؤوب، ولا إعیاءٌ من لغوب ولا فُتُورٌ»31 وقوله عليه السلام: «لا شفيعَ يشفع لي إليك، ولا خفيرَ يؤمنني عليك، ولا حصنَ يحجبني عنك، ولا ملاذَ ألجأ إليه منك» و«لا شفيعٌ يشفع لي إليك، ولا خفيرٌ يؤمنني عليك، ولا حصنٌ يحجبني عنك، ولا ملاذٌ ألجأ إليه منك»32
14- الاختلاف في الکلمات المتقاربة الرسم، خصوصاً في النَّقْط، كقوله عليه السلام: «وجعل لکلّ روح منهم قوتاً معلوماً مقسوماً» و«وجعل لکلّ زوج منهم قوتاً معلوماً مقسوماً»33 وقوله علیه السلام: «فأدِّه عنّي من جزیل عطیّتك وکثیر ما عندك» و«فأدِّه عنّي من جزیل عطیّتك وکبیر ما عندك»34 وهو کثیر جدّاً.
15- الاختلاف في الکلمات غیر المتقاربة الرسم، كقوله عليه السلام: «وخُذ به في أحبّ السبل إلیك» و«وأَجْرِ به في أحبّ السبل إلیك»35 وقوله عليه السلام: «النواکس الأذقان» و«النواکس الأعناق»36 وهذا النوع من الاختلاف قليل.
16- الاختلاف بزیادة المتن ونقصه، کقوله علیه السلام: «یا من لا تنقضي عجائب عظمته» و«اللهمّ یا من لا تنقضي عجائب عظمته»37 وقوله علیه السلام: «وعرّفه في أهله الطاهرین وأمّته المؤمنین» و«وعرّفه في أهل بیته الطاهرین وأمّته المؤمنین»38 وقوله علیه السلام: «ووفّقنا في یومنا هذا ولیلتنا هذه، وفي جمیع أیّامنا لاستعمال الخیر» و«ووفّقنا في یومنا هذا ولیلتنا هذه، وفي جمیع أیّامنا ولیالینا لاستعمال الخیر»39
هذه النماذج ذكرناها بعد قراءة سريعة لهذه النسخة، والوقوف علی جميع خصائصها وفوائدها موكول بتحقيقها كاملة، غير غافلين عن أنّ الكفعمي وضع نُصب عينيه ضبوط ابن إدريس الحلّي وأولاها عناية فائقة.
هذا، وقد شرح الكفعمي الكلمات المبهمة شروحاً مختصرةً ودقيقة ترفع اللبس والإبهام عن المواضع التي رأی ذلك فيها ضرورياً، واستطرد في أحيان قليلة فوشّح الحاشية بشروح فيها شيء من التفصيل. فجاءت نسخته مضبوطة جامعة لعمدة الاختلافات مزدانة بشروح قيّمة ودقّة متناهية، وبذلك تكتسب هذه النسخة أهميّة خاصة من بين نسخ الصحيفة السجّادية المباركة.
ختاماً نری من الضروري جدّاً تحقيق هذه النسخة وإخراجها إلی عالم النور.
والحمد لله أوّلا وآخرا،والصلاة علی محمّد وآْه الطيبين الطاهرين.
مصادر التحقيق
1. نهج البلاغة، حقّقه وضبط نصّه علی أربع نسخ خطية قديمة الشيخ قيس بهجت العطار، قم، موسّسة الرافد، الطبعة الأولي، 1431 ه/ 2010 م.
2. الصحيفة السجّادية بخط علي بن إبراهيم الكفعمي، تهران، مؤسسة المحقق الطباطبائي والمکتبة الوطنیة، الطبعة الأولي، 1394 ش.
3. مقتل الحسین، الموفّق بن أحمد الخوارزمي، تحقیق الشیخ محمّد السماوي، قم، أنوار الهدی، الطبعة الأولی، 1418 ه.
لقد امتاز أتباع مدرسة أهل البیت علیهم السلام باقتفاء آثارهم والاهتداء بمآثرهم، وذلك أنّ أئمّة أهل البیت علیهم السلام هم مجمع الکمالات ومنابع الحکم وأرباب الفصاحة والبلاغة، وفي ما یخصّ البلاغة وفصاحة اللسان قال أمیر المؤمنین علیه السلام: «وإنّا لأمراء الكلام، وفينا تنشّبت عروقه، وعلينا تهدلت غصونه».1
البلاغة حقّقه وضبط نصّه علیأربع نسخ خطية قديمة: الخطبة 232.
الحسین، للخوارزمي 2: 76.
ومن هنا دأب العلماء والأدباء علی العکوف علی روایتهما وشرحهما وضبطهما وبیان وجوه بلاغتهما ودقائق المطالب والعلوم فیهما.
ومن أهمّ المراحل التي عُني بها بنهج البلاغة والصحیفة السجّادیة هي مرحلة أواخر القرن الخامس والسادس والسابع والثامن، وخصوصا علماء الحلة الفیحاء، حیث کانت مقرّ العلماء والفضلاء والأدباء، وقد أَسّسوا الأُسس لمن جاء من بعدهم، وممـّا یُؤسف له أنّه لم تُستقص لحدّ الآن -حسب علمنا- جهود علماء الحلّة الفیحاء في نهج البلاغة والصحیفة السجّادیة.
فعلی صعید نهج البلاغة تبرز أسماء لامعة تجمع بین العلم والأدب، کالأدیب الکبیر علي بن محمّد بن السکون الحلّي (ت حدود 600 أو 606 ه)، والسید علي بن طاوس (ت 664 ه)، وعلي بن أحمد السدیدي الحلي (ت 688 ه)، والعلّامة الحلي (ت 726 ه)، وأحمد بن محمّد بن إسماعیل الحدّاد البجلي الحلي (کان حیا 728 ه)، وعبدالرحمن بن العتائقي (نحو 790 ه)، وغیرهم.
وعلی صعید الصحیفة السجّادیة تجد نفس الجهود الحثیثة من العلماء الأدباء، کابن إدریس الحلي (ت 598 ه)، وابن السکون الحلي، وعمید الرؤساء هبة الله بن حامد الحلي (ت 609 ه)، وعلي بن طاوس، والسدیدي، والعلامة الحلي، وغیرهم.
وإذا کانت جهودهم في الصحیفة السجّادیة قد عُني بها، فإنّ جهودهم في نهج البلاغة لم یُعتَنَ بها کما ینبغي، وقد حقّقنا نهج البلاغة مع ضبط علي بن السکون، آملین أن نعثر علی المزید من هذه الکنوز لإخراجها إلی عالم النور. 3
کبار الأدباء الذین کتبوا نهج البلاغة ورووه مع العنایة بضبط ابن السکون هو العالم الأدیب ابن الحدّاد البجلي الحلي، ونسخته محفوظة في مکتبة العتبة العباسیة علی مشرّفها السلام، لکنّها ناقصة الأوّل بمقدار حوالي ثلث الکتاب، نسأل الله أن نعثر علی هذا النقص أو علی نسخة مکتوبة عنها کاملة لنحقّقها ویتبیّن مقدار ما بذله هذا الجهبذ من جهود في ضبط نهج البلاغة.
ومن الآثار النفیسة في هذا المجال الصحیفة السجّادیة المكتوبة بخط علي بن إبراهیم الکفعمي، في سنة 867 ه، والتي اعتنت بروایة وضبط الشهید الأوّل، الناظرة إلی روایة وضبط السدیدي، الناظرة إلی روایة وضبط علي بن السکون، مع اعتنائها البالغ بنسخة ابن إدريس الحلّي.
ونفس هذه السلسلة تجدها في نسخة نهج البلاغة المنقولة من خط الشیخ الحسن بن یحیی بن کرم، وقابل السدیدي هذه النسخة وصحّحها من نسخة منقولة من خط ابن السکون، ثمّ أصاب أسافل هذه النسخة خرومات صُحّحت من کتاب منقول من خط الشهید.4
حقّقنا هذه النسخة طبعت نماذج منها في المکتبة المتخصّصة بأمیر المؤمنین علي علیه السلام في سنة 1435 ه.
وإذا أردنا أن نصنّف مجمل الاختلافات المذکورة وجدناها تُشبه إلی حدّ کبیر أنواع الاختلافات في نهج البلاغة، وعمدة أنواع الاختلافات في الصحیفة السجّادیة هي:
1- الاختلاف من حیث التذکیر والتأنیث في الأفعال المضارعة، كقوله عليه السلام: «حمداً يُضيء لنا به ظلماتِ البرزخ، ويُسهّل علينا به سبيلَ المبعثِ» و«حمداً تضيء لنا به ظلماتُ البرزخ وتُسَهَّل علینا به سبیلُ المبعث»5
الأوّل: 16 أ.
2- الاختلاف في حروف الجرّ، كقوله عليه السلام: «حمداً یرتفع منّا إلی أعلی علیّین» و«حمداً یرتفع بنا إلی أعلی علیّین»6
الأوّل: 16 ب.
السادس عشر: 49 أ.
3- اختلاف الأفعال بالتضعیف وعدمه، كقوله عليه السلام: «حمداً نُعَمَّر به فیمن حَمِدَه من خلقه» و«حمداً نُعَمَّر به فیمن حَمَّدَه من خلقه»8
الأوّل: 16 أ.
الثالث عشر: 41 أ.
4- الاختلاف في ضبط عین الأفعال المضارعة، كقوله علیه السلام: «ولا تَعزُبُ عنك غیّبات السرائر» و«ولا تَعزِبُ عنك غیّبات السرائر»10
الثالث والثلاثون: 100 أ.
التاسع والأربعون: 170 أ.
5- الاختلاف بالبناء للمجهول و المعلوم، كقوله عليه السلام: «ولا یزید من نُقِصَ منهم زائد» و«ولا یزید من نَقَصَ منهم زائد»12
الأوّل: 15 أ.
الأوّل: 16 أ.
6- الاختلاف بالماضي والمضارع، كقوله علیه السلام: «وأنّی رَغِبَ مُعدِمٌ إلی مُعدِم» و«وأنّی یَرغَبُ مُعدِمٌ إلی مُعدِم»14
الرابع عشر: 45 أ.
7- تعدّي الفعل بنفسه و بحرف الجرّ، کقوله عليه السلام: «فإنّا نستجيرك من غضبك» و«فإنّا نستجير بك من غضبك»15
السابع والثلاثون: 109 أ.
8- الاختلاف بالهمز والتسهيل، كقوله عليه السلام: «من أئمّة الهدی وقادة أهل التّقی» و«من أیمّة الهدی وقادة أهل التّقی»16
الرابع: 24 ب.
الثاني: 20 ب.
الثامن: 34 أ.
الواحد والعشرون: 61 ب.
9- الاختلاف في الثلاثي المجرّد والمزید، كقوله عليه السلام: «لا یَنْقُصُ من زاده ناقصٌ» و«لا یُنْقِصُ من زاده ناقصٌ»20
الأوّل: 15 أ.
الواحد والثلاثون: 92 ب.
10- الاختلاف في ضبط الکلمات لغویّا دون تبدّل المعنی، کقوله عليه السلام: «فاذکُرهم منك بمغفرة ورِضوان» و«فاذکُرهم منك بمغفرة ورُضوان»22
الرابع: 24 ب.
الرابع: 25 ب.
الأول: 18 ب.
11- الاختلاف في ضبط الکلمات لغويّا مع تبدّل المعنی، كقوله عليه السلام: «وخروجهم من سعة المعاش إلی ضِیقِه» و«وخروجهم من سعة المعاش إلی ضَیقِه»25
الرابع: 25 ب.
الثالث والأربعون: 120 ب.
12- الاختلاف بالإفراد و الجمع، كقوله عليه السلام: «أَسمَعهم حجّة رسالاته» و«أسمعهم حجّة رسالته»27
الرابع: 25 أ.
الرابع: 26 أ.
الثالث: 22 ب.
13- الاختلافات الناتجة عن تعدّد وجوه الإعراب، واختلاف مدارس النحو، کقوله عليه السلام: «وما بثثتَ في كل واحد منهما، ساكنِه ومتحركِه، ومقيمِه وشاخصِه» و«وما بثثتَ في كل واحد منهما، ساكنُه ومتحركُه، ومقيمُه وشاخصُه»30
السابع: 31 أ.
الثالث: 22 أ.
الثالث والثلاثون: 100 ب- 101 أ.
14- الاختلاف في الکلمات المتقاربة الرسم، خصوصاً في النَّقْط، كقوله عليه السلام: «وجعل لکلّ روح منهم قوتاً معلوماً مقسوماً» و«وجعل لکلّ زوج منهم قوتاً معلوماً مقسوماً»33
الأوّل: 15 أ.
الثالث والعشرون: 72 أ.
15- الاختلاف في الکلمات غیر المتقاربة الرسم، كقوله عليه السلام: «وخُذ به في أحبّ السبل إلیك» و«وأَجْرِ به في أحبّ السبل إلیك»35
الثاني والعشرون: 70 أ.
الثالث: 22 أ.
16- الاختلاف بزیادة المتن ونقصه، کقوله علیه السلام: «یا من لا تنقضي عجائب عظمته» و«اللهمّ یا من لا تنقضي عجائب عظمته»37
السادس: 27 ب.
الثاني: 20 ب.
السابع: 32 ب.
هذه النماذج ذكرناها بعد قراءة سريعة لهذه النسخة، والوقوف علی جميع خصائصها وفوائدها موكول بتحقيقها كاملة، غير غافلين عن أنّ الكفعمي وضع نُصب عينيه ضبوط ابن إدريس الحلّي وأولاها عناية فائقة.
هذا، وقد شرح الكفعمي الكلمات المبهمة شروحاً مختصرةً ودقيقة ترفع اللبس والإبهام عن المواضع التي رأی ذلك فيها ضرورياً، واستطرد في أحيان قليلة فوشّح الحاشية بشروح فيها شيء من التفصيل. فجاءت نسخته مضبوطة جامعة لعمدة الاختلافات مزدانة بشروح قيّمة ودقّة متناهية، وبذلك تكتسب هذه النسخة أهميّة خاصة من بين نسخ الصحيفة السجّادية المباركة.
ختاماً نری من الضروري جدّاً تحقيق هذه النسخة وإخراجها إلی عالم النور.
والحمد لله أوّلا وآخرا،والصلاة علی محمّد وآْه الطيبين الطاهرين.
مصادر التحقيق
1. نهج البلاغة، حقّقه وضبط نصّه علی أربع نسخ خطية قديمة الشيخ قيس بهجت العطار، قم، موسّسة الرافد، الطبعة الأولي، 1431 ه/ 2010 م.
2. الصحيفة السجّادية بخط علي بن إبراهيم الكفعمي، تهران، مؤسسة المحقق الطباطبائي والمکتبة الوطنیة، الطبعة الأولي، 1394 ش.
3. مقتل الحسین، الموفّق بن أحمد الخوارزمي، تحقیق الشیخ محمّد السماوي، قم، أنوار الهدی، الطبعة الأولی، 1418 ه.
- البلاغة حقّقه وضبط نصّه علیأربع نسخ خطية قديمة: الخطبة 232.
- الحسین، للخوارزمي 2: 76.
- کبار الأدباء الذین کتبوا نهج البلاغة ورووه مع العنایة بضبط ابن السکون هو العالم الأدیب ابن الحدّاد البجلي الحلي، ونسخته محفوظة في مکتبة العتبة العباسیة علی مشرّفها السلام، لکنّها ناقصة الأوّل بمقدار حوالي ثلث الکتاب، نسأل الله أن نعثر علی هذا النقص أو علی نسخة مکتوبة عنها کاملة لنحقّقها ویتبیّن مقدار ما بذله هذا الجهبذ من جهود في ضبط نهج البلاغة.
- حقّقنا هذه النسخة طبعت نماذج منها في المکتبة المتخصّصة بأمیر المؤمنین علي علیه السلام في سنة 1435 ه.
- الأوّل: 16 أ.
- الأوّل: 16 ب.
- السادس عشر: 49 أ.
- الأوّل: 16 أ.
- الثالث عشر: 41 أ.
- الثالث والثلاثون: 100 أ.
- التاسع والأربعون: 170 أ.
- الأوّل: 15 أ.
- الأوّل: 16 أ.
- الرابع عشر: 45 أ.
- السابع والثلاثون: 109 أ.
- الرابع: 24 ب.
- الثاني: 20 ب.
- الثامن: 34 أ.
- الواحد والعشرون: 61 ب.
- الأوّل: 15 أ.
- الواحد والثلاثون: 92 ب.
- الرابع: 24 ب.
- الرابع: 25 ب.
- الأول: 18 ب.
- الرابع: 25 ب.
- الثالث والأربعون: 120 ب.
- الرابع: 25 أ.
- الرابع: 26 أ.
- الثالث: 22 ب.
- السابع: 31 أ.
- الثالث: 22 أ.
- الثالث والثلاثون: 100 ب- 101 أ.
- الأوّل: 15 أ.
- الثالث والعشرون: 72 أ.
- الثاني والعشرون: 70 أ.
- الثالث: 22 أ.
- السادس: 27 ب.
- الثاني: 20 ب.
- السابع: 32 ب.
جمعه ۲۰ شهريور ۱۳۹۴ ساعت ۷:۱۲
نمایش ایمیل به مخاطبین
نمایش نظر در سایت
۲) از انتشار نظراتی که فاقد محتوا بوده و صرفا انعکاس واکنشهای احساسی باشد جلوگیری خواهد شد .
۳) لطفا جهت بوجود نیامدن مسائل حقوقی از نوشتن نام مسئولین و شخصیت ها تحت هر شرایطی خودداری نمائید .
۴) لطفا از نوشتن نظرات خود به صورت حروف لاتین (فینگلیش) خودداری نمایید .